السبت، يناير 06، 2018

((القصة الأخيرة )) قصة قصيرة



---------------------------------
يسير مهموما.. شارد الذهن .. مطأطيء الرأس
من آن لآخر يرتطم كتفه بإحد الماره – الذي يتمتم منزعجا في سخط ثم يتابع مسيره-..
الأمور تزداد تعقيدا يوما بعد آخر..
غصة تتملك حلقه...فيبتلع ريقه بصعوبة كصعوبة ابتلاع ثمرة صبار في قيظ صحراء قاحلة ..
العرق يتصبب من كل خلية من خلايا جسده ويلتقط أنفاسه بصعوبة فيجتهد ليدخل أكبر قدر من الهواء في رئتيه..

يفيق من همومه للحظة على أصوات أبواق السيارات الصارخة ، فيعبر الطريق ، ثم تخفت الأصوات شيئا فشيئا... مازال أمامه الكثير ليصل إلى البيت...

يجب عليه أيضا أن يعبر شريط القطار أيضا...

رائحة كريهة منبعثة من مجمع قمامة قريب تقتحم انفه وتستثير أغشيته المخاطية ، فيحس بحرقة في عينيه ، وتتجمع دمعات ٍفي مآقي عينيه لتستعد للانحدار على وجنتيه ، فيخرج منديلا ويسارع بوأدها ..
"لن أبكي .. لن أبكي"
قالها بحزم مخاطبا بها نفسه وعاد لأفكاره...

يفكر في الانتحار ...

يتخيل موقف الانتحار...على شريط القطار فيسخر من نفسه وتند عن شفتيه حركة توحي بابتسامة بسيطة بائسة...
إنه دائما ما يفكر في الانتحار ولكن بشكل مسرحي درامي.. لم يرق إلى درجة التحقق يوما..
شبح ابتسامة أخرى- ساخرة- يداعب شفتيه حين تجول تلك الفكرة في تلافيف مخه..
سيكتب قصة قصيرة بائسة عن حالته ...وينهي حياة البطل على شريط القطار
سيصور حالته ومشاعره ، لكن الفرق أن بطله سوف ينتهى على شريط القطار...
(فكرة رائعة... سأسميها "القصة الأخيرة"...) انطلقت ساخرة في عقله..

يستيقظ من خضم أفكاره على صوت صاخب ... القطار يقترب
فجأة تتوقف قدماه فوق شريط القطار... كأنما التحمت معه .. يعجز عن مواصلة السير...
ذعر رهيب يرتسم على ملامحه...يداه تتحركان بعصبية تتلمسان ركبتيه...تستحثهما على السير...
نظرة أخرى للقطار جعلته يدرك أنه ..
أنه قد تنبأ نبوءة..

ليست هناك تعليقات: